المساواة بين الرجل والمراة

لقد صرّح حضرة بهاءالله بأوضح العبارات بأنه لا فرق لدى الله بين الرجال والنساء. ففي المنظور البهائي الإنسان عبارةٌ عن مزيجٍ من جسدٍ ماديٍ وروحٍ إنسانيةٍ مصدرها الخالق عزّ وجلّ. والفروق الجنسية محصورةٌ في الجانب الجسدي المادي كما هي سائر الفروق الجسدية كاللون والعرق والهيكل، بينما النفس البشرية والروح التي تشكّل الجانب الأهم من وجود الإنسان فإنها متساويةٌ بين جميع البشر. إن ما يجعل الكائن البشري إنسانًا هي في الحقيقية النبل والكرامة الفطرية المتأصلة فيه والتي لا توصف لا بالذكورة ولا بالأنوثة. فمسيرة البحث عن المغزى والهدف وإيجاد المجتمع والمقدرة على المحبة والإبداع والمثابرة لا تعرف هويةً جنسيةً.

إن حالة عدم المساواة التي سادت طوال العصور ليست بسبب تفوق الرجال، فهي ببساطةٌ ناتجةٌ عن عدم حصول النساء على الفرص نفسها لتنمية وتطوير إمكاناتهن. وما يحتاجه العالم اليوم هو أن تتاح كافة الفرص للمرأة كي تتعلم وتحتل مكانةً مساويةً للرجال في جميع مجالات المساعي الإنسانية. ما لم تصبح مساواة الرجال والنساء حقيقةً ملموسةً في هذا العالم كما هو الأمر في العالم الروحاني لن يكون التقدم الحقيقي للبشرية ممكنًا.

إن تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين هي مطلبٌ مهمٌ من متطلبات السلام، رغم أن الاعتراف بحقيقة ذلك لا يزال على نطاقٍ ضيق. إن إنكار مثل هذه المساواة يُنزل الظلم بنصف سكان العالم، فليس هناك أي أساسٍ خُلُقِيٍ أو عمليٍ أو بيولوجيٍ يمكن أن يبرر مثل هذا الإنكار، ولن يستقر المناخ الخلقي والنفسي الذي سوف يتسنَّى للسلام العالمي النمو فيه، إلا عندما تَدخل المرأة بكل ترحابٍ إلى سائر ميادين النشاط الإنساني كشريكةٍ كاملةٍ للرجل. فالرجال والنساء كجناحي طائرٍ، لا بد للجناحين أن يتساويا ليتمكّن طائر المجتمع البشري بالتحليق نحو التطور.

إنّ الله لا يفرّق بين الرّجل والمرأة، بل إنّ أقربهما إليه من كان قلبه أشدّ استنارةً ومن كان إيمانه به أعظم.