"إيّاكم يا ملأ التوحيد لا تفرّقوا في مظاهر أمر الله ولا فيما نَزل عليهم من الآيات، وهذا حقّ التوحيد إن أنتم لمن الموقنين".

حضرة بهاء الله – المربّي الإلهيّ

يؤمن البهائيون بأن الله تعالى بمثابة الشمس الساطعة، ورسله الكرام هم المرايا الصافية التي تُعكس صفاته. فالله سبحانه وتعالى هو الغيب المنيع الذي لا يُدرك، ولا نستطيع إدراك حقيقته المطلقة، لأن غير المحدود لا يمكن إدراكه بالمحدود. ولهذا يرسل رسله الذين هم خَلْقه وليسوا من جوهره، وهم يعكسون صفاته ومزاياه من عظمةٍ وقدرةٍ وسلطانٍ، كما تعكس المرآة نور الشمس وحرارته؛ فالمرآة ليست هي الشمس بل إنعكاسها الكامل في كل ما تُبدي. بما أن المربيين الإلهيين جميعهم يؤدّون نفس الرسالة الروحانية في العالم (إيصال الهداية الإلهية إلى البشر)، فإنه يمكن النظر إليهم على أنهم حقيقة روحانية واحدة جاءت إلى العالم في أزمنةٍ مختلفةٍ. 

في أواسط القرن التاسع عشر، بعث الله حضرة بهاء الله لإيصال رسالةٍ جديدةٍ إلى البشرية. فعلى مدى أربعة عقودٍ نُّزّلت آلاف الآيات والرسائل والكتب من يراعه المباركة، عرّف فيها حضرة بهاءالله المبادئ الرئيسية لإطار عملٍ يهدف إلى تطوير حضارةٍ إنسانيةٍ تأخذ بعين الاعتبار البعدين الروحي والمادي لحياة الإنسان.

حياته المبكرة

وُلد حضرة بهاء الله، واسمه ميرزا حسين علي، في 12 نوفمبر 1817م بطهران. وفي سنٍ مبكرةٍ بانت على حضرته علامات العظمة، وأظهر حكمةً ومعرفةً فائقتين. لم يلتحق حضرته بأي مدرسةٍ، بل تلقى تعليمًا بسيطًا في المنزل. ورغم أنه كان من عائلةٍ نبيلةٍ وكان بإمكانه أن يحظى بمباهج الحياة المرفّهة إلا أنه فضَّلَ أن يكرّس جُلّ وقته للعناية بالفقراء ورعاية المظلومين. وعندما توفي والده رفض حضرة بهاء الله، والذي كان في ريعان شبابه، أن يرث منصب ومكانة والده المرموقة كوزير وما عُرضت عليه من مغرياتٍ ماليةٍ، وسخّر أوقاته وجهده وماله للأعمال الإنسانية. هذا التمييز الروحي والإنساني لحضرة بهاء الله لم يرِق للمتعصبين في بلاده، خاصةً بعد أن أعلن مساندته لدعوة الباب، فتم حبسه في أسوأ سجنٍ في بلاده، ثم نُفي إلى العراق، والذي عاش فيها قرابة العشرة أعوامٍ.

إعلان الدعوة

في بغداد، في عام 1863م، أعلن حضرة بهاء الله عن رسالته في حديقة الرضوان، فأصبحت بغداد الأرض التي أعلن فيها حضرته عن رسالته وبعثته للعالم، فانجذب إليه ولدعوته العديد من مختلف الأطياف والأعراق والطبقات. وأصبحت الأيام الإثني عشر، والتي قضاها حضرته في حديقة الرضوان أيامًا يخلّدها البهائيون في العالم، فيحتفلون فيها كل عامٍ مع جيرانهم وأصدقائهم، وتسمى بأعياد الرضوان. ومن ضمن الأحداث الهامة التي وقعت في بغداد أيضًا في تلك الفترة نزول عددٍ من الآثار الكتابية لحضرة بهاء الله، أهمّها كتاب الإيقان والكلمات المكنونة والوديان السبعة.

حديقة الرضوان، عكّا (عام 2006)

رحلة النفي

ومن العراق تم إبعاد حضرة بهاء الله إلى تركيا، واصل فيها حضرته طيلة أربع سنواتٍ ونصف تفصيل أصول رسالته، ووضع أسس السّلام العالمي على قواعد العدل والتّآزر، وضمّن ذلك رسائله إلى ملوك وسلاطين العالم والذي دعاهم فيها إلى التمسك بالعدل واستخدام نفوذهم للحد من البؤس والحرب والعمل من أجل وحدة العالم وتحقيق السلام. ومن ضمن هؤلاء، الإمبراطور العثماني السلطان عبد العزيز، وناصر الدين شاه ملك إيران، ونابليون الثالث إمبراطور فرنسا، والبابا بيوس التاسع بابا الكنيسة الكاثوليكية.

خارطة نفي حضرة بهاء الله

تعرّض حضرة بهاء الله للنفي والحبس مراتٍ متتالية، إلى أن سُجن في سجن قلعة عكا بفلسطين، والتي كانت في حينه من أشدّ السجون العثمانية قسوةً. وبالرغم من أن حضرته كان لا يزال تحت ظروف حبسٍ صارمةٍ، إلا أنه ومع مرور الوقت لاقى التبجيل والاحترام، وذاع صيته، وانجذب إليه طليعةٌ من القادة والزعماء، ورجال الحكم والشخصيات البارزة في المنطقة، والذين كانوا يتشرفون بمحضره طالبين الاستشارة والنصح.

من داخل زنزانة حضرة بهاء الله، عكّا

في الأرض الأقدس

إنّ فترة إقامة حضرة بهاء الله في عكّا كانت فترةً غنيّةً بتنزيل الوحي، من أهم ما نُزّل هو “الكتاب الأقدس“، وهو كتاب التّشريع البهائي والذي نُزّل باللغة العربية. كما واصل حضرته من السّجن إبلاغ دعوته إلى بقية ملوك ورؤساء العالم، منهم الملكة فكتوريا ملكة إنجلترا، وألكسندر الثاني قيصر روسيا، والملكة ماريا ملكة رومانيا، وفرانسوا جوزيف إمبراطور النمسا. وقام أيضًا بتحديد الهيئات والمؤسسات المستقبلية لإدارة شؤون الدين البهائي، وحرّر “كتابُ عهدي” وهو وصيته للبهائيين من بعده، والذي عيّن فيها ابنه الأرشد، حضرة عبدالبهاء، ليتولّى إدارة شؤون أمره وتفسير كتاباته من بعده.

عاش حضرة بهاء الله سجينًا في عكا قرابة 25 عامًا استمر فيها إعلانه العام عن أمره، وأصبح له نفوذٌ في حياة العديد من أهالي سوريا ولبنان والزائرين من المناطق المجاورة، إلى أن وافته المنية. انتقلت روحه الطاهرة إلى بارئها في يوم 29 أيار/ مايو 1892م بعكا، والتي تحتضن ضريح حضرة بهاء الله والمعروف اليوم بـ الروضة المباركة. أرثى في مدح وثناء حضرة بهاء الله العديد من الشعراء العرب ورجال الدين ورجال الدولة ممن عاصروا حضرته وتشرفوا بمحضره.

عانى حضرة بهاءالله السجن والتعذيب والنفي طيلة أربعين عامًا من أجل إيصال أحدث رسالةٍ سماويةٍ من الخالق إلى البشرية. واليوم، تزداد سيرته ورسالته اشتهارًا وانتشارًا على امتداد المعمورة، ويتعلم الملايين من البشر تطبيق تعاليمه في حياتهم الشخصية والجماعية من أجل إصلاح العالم.

نسخة مزخرفة من الكتاب الأقدس، بتكليف من حضرة عبد البهاء عام 1902

لمعرفة المزيد عن تأثير رسالة حضرة بهاء الله على تقدم المجتمعات في العالم

يمكنكم مشاهدة فيلم نورٌ للعالمين.

الذكرى المئوية الثانية لميلاد حضرة بهاء الله

تخليدًا للذكرى المئوية الثانية لمولد حضرة بهاء الله، احتفلنا في دولة الإمارات العربية المتحدة وفي باقي أنحاء المعمورة بهذه المناسبة مع جيراننا وأصدقائنا. فيما يلي مقاطع من بعض الاحتفالات حول العالم.

احتفالات عيد الرضوان

كما نحتفل في كل عامٍ بأعياد الرضوان مع جيراننا وأصدقائنا في جوٍ من المحبة والسرور. فيما يلي صور وفيديو لاحتفالات عيد الرضوان في دولة الإمارات العربية المتحدة.